Ads 468x60px

أقسام المدونة

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

الأدب قبل العلم


السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

الأدب قبل العلم

الأدب قبل العلم بعض طلاب العلم يجعلون شغلهم الشاغل جمع العلوم والمعارف , وتكديس الكتب والدفاتر , وتتبع زلات العلماء وخلافات الفقهاء ,والخوض في لحوم العلماء, وكل ذلك على حساب تعلم الأدب والأخلاق , وعلى تطبيق ما تعلموه .ولقد نعى القرآن الكريم على من يحملون العلم , ولا يدركون من منافعه شيئاً , قال تعالى : " مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) سورة الجمعة .بل عاب على علماء اليهود والنصارى الذين عرفوا الحق , وأيقنوا أن طريق الإسلام هو طريق الصدق , ولكنهم عناداً واستكباراً ولسوء أخلاقهم , ولعدم عملهم بما قد تعلموه , رفضوا قبول دعوة الحق والصدق , قال تعالى: "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) سورة البقرة .وقال: " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) سورة البقرة .وقال :" وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) سورة آل عمران . فالعلم قرين الأخلاق , عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ.أخرجه أحمد 4/420(20014) و"أبو داود"4880.ولقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على ربط العلم بالعمل , والعلم بالأدب , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , قال : حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أصْحَابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم :أنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِؤَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آيَاتٍ ، فَلاَ يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الأخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ . قَالُوا : فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ.أخرجه أحمد 5/410.وأقوال علماء السلف رضوان الله تعالى عليهم تؤكد إيمانهم بضرورة تعلم الأدب قبل العلم , وتقديم التأدب على التعلم , قال الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله : ( طلبت الأدب ثلاثين سنة , وطلبت العلم عشرين سنة , وكانوا يطلبون الأدب قبل العلم )।غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 198।قال الشاعر:وإن بُليتَ بقومٍ لا خلاقَ لهم * إلى مداراتهم تدعو الضروراتُفقل ياربِّ لطفَك قد مال الزّمان بنا*مِن كلِّ وجهٍ وأبلتنا البليّة وحينما جلس الإمام الشافعي وهو غلام صغير في مجلس الإمام مالك بالمدينة المنورة، وكان الإمام مالك يقرأ في درسه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في مسجده، وكانت عادته إذا ذكر الحديث أن يقول: عن فلان، عن فلان، عن صاحب هذا المقام، ثم يشير إلى قبر الرسول। فرأى وهو يشير إلى القبر الشافعي يعبث بثمرة من الحصير؛ بعد أن بلها بريقه فوق يده! فحزن الإمام مالك، ثم انتظر حتى أنهى درسه الذي قرأ فيه أربعين حديثًا، ثم ناداه، فأقبل وجلس بين يديه، فعاتبه قائلاً: لماذا كنت تعبث أثناء تلاوة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا سيدي! ما كنتُ أعبث ولكني كنتُ أسجل بريقي ما تقول حتى لا أنسى؛ لأنني فقير، ولا أملك الدرهم الذي أشتري به القرطاس والقلم। فتعجب الإمام مالك، وقال له: إذا كنتَ صادقًا فاقرأ ولو حديثًا واحدًا من الأربعين التي قرأتُها في درس الليلة. فجلس الشافعي كما كان يجلس أستاذه الإمام، وقال: عن فلان، عن فلان، عن صاحب هذا المقام؛ وأشار إليه كما أشار الإمام، ثم قرأ الأربعين حديثًا. فأعجب الإمام مالك بذكائه، وقال له: إني أرى الله قد ألقى في قلبك نورًا، فلا تُطفئه بظُلمة المعاصي.وفي يوم رأى الإمام الشافعي أن ذكاءه لم يعد في الدرجة التي كان عليها من قبل، فذهب إلى أستاذه الإمام وكيع، وشكا له سوء حفظه، وقد أشار إلى هذا بقوله: شكوتُ إلى وكيعٍ سُوءَ حِفظي * * * فأرشدني إلى تركِ المعاصيوأخبرني بأنَّ العلمَ نورٌ * * * ونورُ اللهِ لا يُهدَى لعاصي فالتعلم قبل التأدب قد يقود المرء إلى الغرور والعجب والكبر وهي أخلاق لا يتصف بها أهل العلم , كما أن العلم بلا أدب قد يقود المرء إلى الزيغ والضلال فيتتبع رخص العلماء ولا يدري فيَضل ويُضل قال الشاعر:أيها العالمُ إيَّاك الزَّلَلْ * * * وأحذَرِ الهَفْوةَ فالخَطْبُ جَلَلْهَفْوةُ العالِم مُستَعظَمةٌ * * * إن هَفَا أصبح في الخَلْقِ مَثَل لنسأل الله عزّوجل أن يمنحنا من الأدب والأخلاق الفاضلة ما يمنعنا من الزلل ويجنّبنا الخطأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا تغادر دون أن تعطي رأيك

 

المتـابعـــون

فيديوهات مختارة